Wednesday, November 02, 2005

شجرة الفل

قصة قصيرة
صيف 1996


تنقضي أيام الامتحانات بطيئة جدا .. لكن المهم أنها تنقضي .. سبقتني روحي إلى البيت الكبير ، اشتقت لأخوتي ،و لشجرة الفل التي زرعتها جدتي في المدخل الخلفي .. ربما وجودها في هذا المكان لتبعث رائحتها في البيت كله .. و أخيرا وصلنا ، في نفس الوقت وصل الجميع كأن بيننا إتفاق مسبق .. جميعنا أخوة في كل شيء حتى في الشكل رغم إباء الأوراق القانونية الإعتراف بذلك .. إندفعنا جميعا إلى حضن جدتي ثم إلى شجرة الفل .. نجمع الفل منها .. يبدو أننا توارثنا عشقه .. اتفقنا أن نستيقظ غدا في السادسة صباحا نستقبل كما اعتدنا شروق الشمس .. نشعر ببهجة ما تزيدنا دفئا عندما تمتزج اشعتها الوليدة برائحة الفل... الذي علمتنا جدتي كيف ننظمها عقودا


صيف 1998


لا أدرك كيف انقضت الاجازة .. سنفترق مرة آخرى .. و ننتظر الاجازة مرة آخرى .. أريده لقاء ابديا لا يخضع لقانون الوجود ... تجهز الامهات الحقائب .. و نحن ننظم عقود الفل كتقليد آمنا به قبل الرحيل .. ليحمل كل منا في عنقة ... لم تدخل الشمس البيت هذا الصباح ؛ جميع النوافذ مغلقة ، وضعت خلفها أوراق الجرائد لتمنع نفاذ الاتربة .. فأصبح كئيبا ، تزداد كآبته بمضي الوقت ... لكن علينا أن نقضي الوقت كله نستمتع به لأخر لحظة مهما كانت الظروف .. لم ننم اللية الماضية .. كي لا تضيع منا لحظة .. تحمل الحقائب الى السيارة .. نتلكأ في الخروج .. نظل للنهاية ننتظر عارض يؤجل الرحيل ...

تمضي بي السيارة .. تهتز بعنف .. أهتز معها .. و يهتز عقد الفل حول رقبتي .


صيف 1992


تمضي السيارة بعيدا .. انتهت الاجازة .. ليتها ما بدأت فظللت انتظرها .. لم نشعر بأي سعادة بها .. حتى رائحة الفل كانت ذابلة ؛ مضى اثنا عشرة شهرا ، و لم نلتق بعمرو وسيهام .. لماذا ؟ .. اخشى ان تنتشر العدوى فينا .. و تمر سنوات لا نلتقي ... لم آخذ معي العقد الذي نظمته .. لم آخذ حتى فلة منه .. أشعر أنها ذابلة .. أو في طريقها إلى الذبول ...


صيف 1997


تأخر مجيئي هذا العام.. أخوتي ايضا تأخروا .. لم يأت سواي بعد .. آمل أنهم يأتون غدا أو بعد غد .. اتجهت إلى غرفتنا التي هي الآن غرفتي وحدي .. أحلم بمجيئهم .. لفت نظري على السرير بعض العقود التي نظمناها العام الماضي .. أسود لونها ، .. شجنت لها نفسي ..

نادتني أمي ...لم تتم كلامها انهالت من عيني سيول جارفة لم تتوقف

الشجرة قد قطعت