Wednesday, July 12, 2006

مؤتمرات مصر سياحة و لا بيزنس

مؤتمرات مصر سياحة و لا بيزنس

المؤتمرات نوع من البذخ دون أي تنظيم

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

نسمع من وقت لآخر عن مؤتمر لإعادة هيكلة منظومة كذا أو حل مشكلة كيت أو إصلاح أو غيرها من المصطلحات البراقة التي تعدك بمستقبل أكثر إشراقا ، حينها تظن ان المشكلة في طريقها إلى الحل طالما أن المسؤلين قد أدركوا أن هناك مشكلة أساسا ، ثم تفاجيء بعد وقت مناسب أنه لم يحدث شيء ، و بقي الحال على ما هو عليه بل زاد الأمر تفاقما بحكم قدم المشكلة ، فكل مشارك في المؤتمر قد عاد إلى بيته بعد تناول وجبة غذاء دسمة ذات الخمس نجوم و استعد للمؤتمر القادم.
المؤتمرات في الأساس وسيلة لطرح الأبحاث و مناقشة نتائجها و عرض امكانيات تطبيقها و بالتالي خدمة المواطن ، لكن الحقيقة أن المواطن لا يستفيد منها مطلقا ، لأن الواقع أنها نوع من الرفاهية أو السياحة أو حتى البيزنس له المستفيدين منه و المواطن ليس له علاقة بها يترك لهمه في البحث عن لقمة العيش التي يأخذها من فم الأسد .
هناك مؤتمرات تنظمها الجمعيات الطبية و تحقق بعض العائد المادي من الإشتراك بها ، و هناك مؤتمرات لا تحقق أي عائد مادي و خاصة تلك التي تشارك فيها الوزارات و الحكومات ،( طبعا حكومة كريمة) و ( من ضرائب الشعب ) ، و هناك مؤتمرات لا تقصد إلا تلميع بعض الشخصيات ( و خاصة أننا في خضم مرحلة انتخابية يصرف عليها ببذخ الله أعلم مصدره ) .
يتكلف المؤتمر الواحد ما لا يقل عن 12 ألف جنية ( هذا المؤتمر الغلبان ) تصل إلى مئات الألاف من الجنيهات يتوقف ذلك على حسب نوع المؤتمر و مكان عقده و عدد المشاركين و مستوى المطبوعات التي توزع على المشاركين .
عن تكلفة المؤتمر يقول د. أحمد سمير منصور : مدير أحد الشركات الطبية : " المشاركة في المؤتمرات ضروري لنا جدا ، حيث تنظم أحد الجمعيات الطبية مؤتمر تشارك فيه عدد من الشركات بقصد تسويق منتج الشركة ، فلو لم أشارك فالطبيب صاحب الجمعية و الأطباء المشاركين لن يكتبوا منتجي كدواء للمريض وأنا كشركة أربح و أعوض خسارتي في المؤتمر من المبيعات التي أحققها بعد المؤتمر ، هذا يؤثر على سعر الدواء في السوق لأن الذبون هو الذي سيتحمل تكلفة المنتج و المكسب .
و يواصل د. أحمد منصور الحديث عن تكلفة المؤتمرات " يتكلف المؤتمر الواحد أكثر من 10 الألاف جنية ، حيث يكون الحساب عن كل فرد يحضر من طرف الشركة ، تكلفة الفرد تبلغ حوالي 120 جنية تتضمن تكلفة حقيبة المؤتمر بما تحتويها من مطبوعات ، و تكلفة إفطار و غذاء ، و لو هناك تكلفة للسفر و الإقامة نتحملها عنه ، يكون المؤتمر عادة من 3 إلى 4 أيام و يحضره من 300 إلى 400 فرد ".

هذا عن تكلفة المؤتمر في الشركات الطبية التي تصرف عليه من خلال مكاسب تعود إليها ، لكن ماذا عن تكلفة المؤتمرات التي تنفق عليها الحكومة من وزارات و جامعات و أغلب المؤتمرات تكون في فنادق الخمس نجوم ، لم يوجد حتى الآن أي كشوفات أو احصائيات لتبين ما تنفقه مثل تلك المؤتمرات هذا من جانب ، من جانب آخر كثير من المشاركين في المؤتمر يكتفون بتسجيل أسمائهم أول يوم ثم يذهبون للتنزه و التسوق ، و خاصة هؤلاء المسافرين من أجل المؤتمر (سياحة) .
ظهر مؤخرا مصطلح سياحة المؤتمرات بالتحديد عام 1988 ، فأنشيء مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات بمدينة نصر بهدف تنشيط سياحة المؤتمرات على مساحة 5800 متر مربع تحيط به فنادق خمس نجوم تضم 5000 غرفة للضيف ، لك أن تتخيل فخامة المكان و خدماته .
يقول د. صلاح ماميش ( خبير أقتصادي في جامعة الدول العربية ) : " صحيح أن سياحة المؤتمرات تفيد في زيادة السياحة في مصر إلى حد ما ، لكن لابد من التعقل في الصرف عليها ، الإنفاق على المؤتمرات لابد أن يكون رشيد لأن هناك بدائل آخرى للإنفاق ، خاصة أن الدين العام في مصر و صل إلى 600 مليار جنية كما أن الفقراء في مصر يتزايدون مع ارتفاع الأسعار المستمر ، فلو استخدمت هذه التكلفة مثلا في بناء المصانع أو المشروعات الصغيرة لكانت أكثر نفعا للبلد كله ، خاصة أن ما ينفق على بدلات السفر باهظ جدا و في النهاية الضيف لن يستطيع حضور كل الجلسات ، هناك ما يسمى بتخصيص الموارد لابد أن تتبع الدولة، فهل تنفق على البذخ أم تحول إلى وسيلة لرفع الحيط الإجتماعي عن الناس؟ " .
المهم ماذا بعد كل هذه التكلفة ؟ يصدر عن كل مؤتمر كبر أو صغر توصيات رائعة لو طبقت لكان الحال غير الحال، لكن للأسف التوصيات مجرد حبر على ورق و الورق في الأدراج و الأدراج لا يفتحها أحد .
يقول أد. محمد عبد الحليم عمر ( أستاذ الإقتصاد الإسلامي ) : مشكلة المؤتمرات ليست في تكلفتها ، طالما أننا نطرح الأبحاث التي تناقش الواقع و كيفية التعامل معه ، لكن المشكلة فيما ينتج عن المؤتمرات من قرارات أو توصيات لا يستفاد منها ، فنظام التطبيق عندنا لا يليق بنتاج العلم ابدا ، رغم أننا في عصر التكنولوجيا التي يقصد منها استخدام نتاج البحث العلمي ، و هذه المسؤلية تقع على عاتق المنظمين و المطبقين ، بأن يدرسوا الواقع جيدا حتى توضع أفكار ملائمة له يمكن تنفيذها ، كما أن لكل جامعة نائب لخدمة المجتمع و هو ايضا مسؤل عن خروج هذه التوصيات إلى للواقع ، و أقيم مؤخرا مؤتمر لحل مشكلة توصيات المؤتمر غير ذات الجدوى و وضعت آليات و توصيات لكن في النهاية كان مؤتمر كسابقيه. "
و قد نتج عن دراسة قام بها " مصطفى السيد سعد الله ( خبير سابق بمنظمة العمل الدولية ) : أن المؤتمرات في مصر تشهد فوضى عارمة في النتظيم ، ففي مؤتمر يناقش قضية تمت مناقشتها في مؤتمر آخر منذ يومين ، كما تكثر عدد المؤتمرات الطبية و العلمية بشكل مبالغ فيه لدرجة تتضارب مواعيد عقدها ، فاحيانا يكون هناك مؤتمر في أسيوط و آخر في القاهرة في نفس الوقت و الدكتور مدعو للمؤتمرين ، ثم أنه لا يوجد أي هيئة للتنظيم بين المؤتمرات ، و علميا لا يجب أن يقوم مؤتمر قبل سنتين على المؤتمر السابق في نفس المجال ، ليكون هناك فرصة مناسبة لتقديم جديد فيه ، و فرصة ايضا لتنفيذ التوصيات " .


No comments: